الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.{فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}: قرأ ورش عن نافع فمن تبع هداي ساكنة الياء وقرأ الباقون بفتح الياء وإنما فتحت لأنها أتت بعد ساكن واصلها الحركة التي هي الفتح وقد ذكرته عند قوله: {إني أعلم}..{ولا يقبل منها شفاعة}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو ولا تقبل منها بالتاء وقرأ الباقون بالياء من قرأ بالتاء فلتأنيث الشفاعة وسقط السؤال فصار كقوله وأخذت الذين ظلموا الصيحة.وحجة من قرأ بالياء هي أن تأنيث الشفاعة ليست حقيقية فلك في لفظه في الفعل التذكير والتأنيث تقول قد قبل منك الشفاعة وقبلت منك وكذلك فمن جاءه موعظة لأن معنى موعظة ووعظ وشفاعة وتشفع واحد فلذلك جاز التذكير والتأنيث على اللفظ والمعنى.وحجة أخرى لما فصل بين اسم المؤنث وفعله بفاصل ذكر الفعل لأن الفاصل صار كالعوض منه ومثله لئلا يكون للناس عليكم حجة..{وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة}: قرأ ابو عمرو وإ وعدنا موسى بغير ألف وكذلك في الأعراف وطه.وحجته أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين وأما الله جل وعز فإنه المنفرد بالوعد والوعيد ويقوي هذا قوله: {إن الله وعدكم وعد الحق}.وقرأ الباقون وإذ واعدنا بالألف وحجتهم أن المواعدة كانت من الله ومن موسى فكانت من الله أنه واعد موسى لقاءه على الطور ليكلمه ويكرمه بمناجاته وواعد موسى ربه المصير إلى الطور لما أمره به ويجوز أن يكون المعنى على إسناد الوعد إلى الله نظير ما تقول طارقت نعلي وسافرت والفعل من واحد على ما تكلمت به العرب..{فتوبوا إلى بارئكم}: قرأ أبو عمرو إلى بارئكم ويأمركم وينصركم بالإختلاس وحجته في ذلك أنه كره كثرة الحركات في الكلمة الواحدة وروي عنه إسكان الهمزة قال الشاعر:والكلام الصحيح يا صاحب أقبل أو يا صاحب اقبل.وقرأ الباقون بارئكم ويأمركم بالإشباع على أصل الكلمة وهو الصواب ليوفى كل حرف حقه من الإعراب. .{وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين}: قرأ نافع يغفر لكم بالياء وفتح الفاء على ما لم يسم فاعله خطاياكم في موضع رفع لأنه مفعول ما لم يسم فاعله وحجته في الياء أن الفعل متقدم وقد حيل بينه وبين الخطايا بلكم فصار الحائل كالعوض من التأنيث وحجة أخرى وهي أن الخطايا جمع وجمع ما لا يعقل يشبه بجمع ما يعقل من النساء كما قال وقال: نسوة في المدينة فلما ذكر فعل جميع النساء ذكر فعل الخطايا ونحوه أم هل يستوي الظلمات.وقرأ ابن عامر تغفر بالتاء وقد ذكرنا إعرابها وحجته في التاء أنه فعل متقدم نحو قوله: {قالت الأعراب}.وقرأ الباقون نغفر بالنون وحجتهم في ذلك أن نغفر بين خبرين من أخبار الله عن نفسه قد أخرجا بالنون وذلك قوله: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} فخرج ذلك بالنون ولم يقل وإذ قيل فيقال تغفر ويغفر والآخر قوله: {وسنزيد المحسنين} ولم يقل وسيزاد المحسنون.واعلم أن من قرأ يغفر فهو يؤول أيضا إلى هذا المعنى فيعلم من الفحوى أن ذنب الخلائق وخطاياهم لا يغفره إلا الله ويقوي هذا قوله: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}..{ويقتلون النبيين بغير الحق}: قرأ نافع ويقتلون النبيئين بالهمز من أنبأ أي أخبر عن الله كما قال جل وعز من أنبأك هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم ينبئ أي يخبر عن الله وهو فعيل من أنبأ وإنما كان الاسم منه منئ ولكنه صرف عن مفعل إلى فعيل.وحجته في أن النبئ مهموز قول عباس بن مرداس في مدحه نبي الله صلى الله عليه وسلم:فقال يا خاتم النباء فجمعه على فعلاء لأن الواحد مهموز فقد صح على أن أصله الهمز وأنه من باب الصحيح لا من باب المعتل لأن الصحيح كذا يجمع كما تجمع النعوت التي على فعيل من غير ذوات الياء والواو مثل الشريك والشركاء والحكيم والحكماء والعليم والعلماء ولو كان النبي غير مهموز لم يجمع على فعلاء لأن النعوت التي تكون على فعيل من ذوات الياء والواو إنما تجمع على أفعلاء كفعلهم ذلك في ولي ووصي ودعي إذا جمع يجمع أولياء وأوصياء وأدعياء ولا يجمع على فعلاء.وقرأ الباقون النبيين بغير همز من نبانبو إذا ارتفع فيكون فعيلا من الرفعة والنبوة الارتفاع وإنما قيل للنبي نبي لارتفاع منزلته وشرفه تشبيها له بالمكان المرتفع على ما حوله وحجتهم في ذلك أن كل ما في القرآن من جميع ذلك على أفعلاء نحو أنبياء الله وفي ذلك الحجة الواضحة على أن الواحد منه بغير همز كما جمع ولي وأولياء ووصي وأوصياء ولو كان في التوحيد مهموزا لكان الجمع منه فعلاء وحجة أخرى روي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا نبيء الله قال: لست بنيء الله ولكني نبي الله قال أبو عبيد كأنه كره الهمز. .{إن الذين أمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}: قرأ نافع والصابين والصابون بغير همز من صبا يصبو أي مال إلى دينه وحجته قوله تعالى: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن} أي أمل إليهن ومنه سمي الصبي صبيا لأن قلبه يصبو إلى كل لعب لفراغ قلبه.وقرأ الباقون الصابئين بالهمز أي الخارجين من دين إلى دين يقال صبأ فلان إذا خرج من دينه يصبأ ويقال صبأت النجوم إذا ظهرت وصبأ نابه إذا خرج..{قالوا أتتخذنا هزوا}: قرأ حمزة وإسماعيل عن نافع هزءا ساكنة الزاي وقرأ الباقون هزؤا بضم الزاي وهما لغتان التخفيف لغة تميم والتثقيل لغة أهل الحجاز.قال الأخفش وزعم عيسى بن عمر أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه نحو اليسر واليسر والعسر والعسر فمن خفف طلب التخفيف لأنه استثقل ضمتين في كلمة واحدة.وقرأ حفص هزوا بغير همز لأنه كره الهمز بعد ضمتين في كلمة واحدة فلينها..{وما الله بغافل عما تعملون}: قرأ ابن كثير وما الله بغافل عما يعملون بالياء أي وما الله بغافل عما يعمل هؤلاء الذين اقتصصنا عليكم قصصهم أيها المسلمون.وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب وحجتهم قوله قبلها: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة} {وما الله بغافل عما تعملون}..{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته}: قرأ نافع وأحاطت به خطيئاته بالألف وحجته أن الإحاطة لا تكون للشيء المنفرد إنما تكون لأشياء كقولك أحاط به الرجال وأحاط الناس بفلان إذا داروا به ولا يقال أحاط زيد بعمرو وحجة أخرى جاء في التفسير قوله: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئاته} أي الكبائر أي أحاطت به كبائر ذنوبه.وقرأ الباقون خطيئته على التوحيد وحجتهم أن الخطيئة ليست بشخص فإذا لم تكن شخصا واشتملت على الإنسان جاز أن يقال أحاطت به خطيئته وحجة أخرى جاء في التفسير من كسب سيئة أي الشرك وأحاطت به خطيئته أي الشرك الذي هو سيئة..{وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا}: وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وما يعبدون إلا الله بالياء.وقرأ الباقون بالتاء وحجتهم قوله: {وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة} {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم} فحكى ما خاطبهم به فجرى الكلام على لفظ المواجهة.واحتج من قرأ بالياء أن قال أول الآية إخبار عن غيب يعنون بذلك قوله: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل} قالوا فإجراء الكلام على ما ابتدئ به أول الآية وافتتح به الكلام أولى وأشبه من الإنصراف عنه إلى الخطاب.قرأ حمزة والكسائي وقولوا للناس حسنا بفتح الحاء والسين وحجتهم أن حسنا وصف للقول الذي كف عن ذكره لدلالة وصفه عليه كأن تأويله وقولوا للناس قولا حسنا فترك القول واقتصر على نعته وقد نزل القرآن بنظير ذلك فقال جل وعز: {وجعل فيها رواسي} ولم يذكر الجبال وقال أن اعمل سابغات ولم يذكر الدروع إذ دل وصفها على موصوفها.وقرأ الباقون حسنا بضم الحاء وحجتهم أن الحسن يجمع والحسن يتبعض أي قولا للناس الحسن في الأشياء كلها فما يجمع أولى مما يتبعض قال الزجاج وفي قوله: {حسنا} قولان المعنى قولا للناس قولا ذا حسن وزعم الأخفش أنه يجوز أن يكون حسنا في معنى حسن كما قيل البخل والبخل والسقم والسقم وفي التنزيل إلا من ظلم ثم بدل حسنا ووصينا الإنسان بوالديه حسنا..{تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحيوة الدنيا ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغفل عما تعملون}: قرأ عاصم وحمزة والكسائي تظاهرون عليهم بالتخفيف وقرأ الباقون تظاهرون بالتشديد الأصل فيه تتظاهرون فمن قرأ بالتشديد أدغم التاء في الظاء لقرب المخرجين وأتى بالكلمة على أصلها من غير حذف ومن قرأ تظاهرون بالتخفيف والأصل أيضا فيه تتظاهرون حرف التاء الثانية لاجتماع تاءين إحداهما تاء الاستقبال والثانية تاء تزاد في الفعل فأسقط الثانية وحجته قوله: {ولقد كنتم تمنون الموت} فطرح الثانية منها.قرأ حمزة وإن يأتوكم أسارى بغير ألف جمع أسير وحجته أن كل فعيل من نعوت ذوي العاهات إذا جمع فإنما يجمع على فعلى وذلك كجمعهم المريض مرضى والجريح جرحى والقتيل قتلى والصريع صرعى وكذلك اسير وأسرى لأنه قد ناله المكروه والأذى.وقرأ الباقون أسارى قال بعض علمائنا هما لغتان كما يقال سكران وسكارى وقال أبو عمرو إذا أخذوا فهم عند الأخذ أسارى وما لم يؤسر بعد منهم أسرى كقوله ما كان لنبي أن يكون له أسرى.قرأ نافع وعاصم والكسائي تفادوهم بالألف وحجتهم أن هذا فعل من فريقين أي يفدي هؤلاء أساراهم من هؤلاء وهؤلاء أساراهم من هؤلاء وكان أبو عمرو يقول تعطوهم ويعطوكم وتفدوهم تعطوهم فقط.وقرأ الباقون تفدوهم أي تشتروهم من العدو وحجتهم في ذلك أن في دين اليهود ألا يكون أسير من أهل ملتهم في إسار غيرهم وأن عليهم أن يفدوهم بكل حال وإن لم يفدهم القوم الآخرون كا قال ابن عباس.قرأ نافع وابن كثير وأبو بكر وما الله بغافل عما يعملون بالياء وحجتهم قوله: {ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب} فيكون قوله: {عما يعملون} إخبارا عنهم.وقرأ الباقون عما تعملون بالتاء وحجتهم قوله: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}..{وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس}: قرأ ابن كثير وأيدناه بروح القدس بإسكان الدال في جميع القرآن كأنه استثقل الضمتين وحجته قول الشاعر:وقرأ الباقون بضم الدال وهو الأصل. .{بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو أن ينزل الله بالتخفيف في جميع القرآن وحجتهما في الآية أن يكفروا بما أنزل الله ولم يقل نزل الله وأبو عمرو قرأ في الأنعام بالتشديد قل إن الله قادر على أن ينزل آية بالتشديد لأن قبلها لولا نزل عليه وما ننزله إلا بقدر معلوم لأنه شيء بعد شيء فكأنه لما تردد وطال نزوله شدده لتردده وابن كثير خالف مذهبه في سورة سبحان فقرأ بالتشديد كأنه أراد أن يجمع بين اللغتين.وقرأ الباقون جميع ذلك بالتشديد وحجتهم أن نزل وأنزل لغتان مثل نبأته وأنبأته وأعظمت وعظمت وفي التنزيل ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة فجاء باللغتين وقرأ حمزة والكسائي في لقمان وعسق بالتخفيف وحجتهما قوله: {وأنزلنا من السماء ماء}..{من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين}: قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفض جبريل بكسر الجيم والراء جعلوا جبريل اسما واحدا على وزن قطمير وحجتهم قول الشاعر:وقرأ حمزة والكسائي جبرئيل بفتح الجيم والراء مهموزا قال الشاعر: وحجتهم ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما جبرئيل وميكائيل كقولك عبد الله وعبد الرحمن جبر هو العبد وإيل هو الله فأضيف جبر إليه وبني فقيل جبرئيل.وقرأ ابن كثير جبريل بفتح الجيم وكسر الراء مثل سمويل وهو اسم طائر قال عبد الله بن كثير رأيت رسول الله صلى الله عليه في المنام فأقرأني جبريل فأنا لا أقرأ إلا كذلك.وقرأ يحيى عن أبي بكر جبرئل على وزن جبرعل وهذه لغة تميم وقيس.وقرأ أبوعمرو وحفص ميكال بغير همز على وزن سربال وحجتهما قول من مدح النبي صلى الله عليه وسلم: وقرأ نافع ميكائل بهمزة مختلسة ليس بعدها ياء كأنه كسرة الإشباع.وقرأ الباقون ميكائيل ممدودا وحجتهم ما روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال في صاحب الصور.جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره قال الكسائي قوله جبرئيل وميكائيل وإبراهيم فإنها أسماء أعجمية لم تكن العرب تعرفها فلما جاءتها أعربتها فلفظت بها بألفاظ مختلفة.
|